السبت، 1 يناير 2011

في كطلونيا: القوميون المعتدلون يعودون للسلطة


انتخابات كطلونيا - رصد لوقائع الشهرين الأخيرين من 2010

أسفرت انتخابات إقليم كطلونيا التشريعية عن فوز حزب «التوافق والوحدة» القومي، الذي يمثل يمين الوسط، مزيحا بذلك الائتلاف اليساري عن الحكم.
تأتي عودة القوميين للسلطة امتدادا لمسيرة ثلاثة وعشرين عاما سبق لأحد رموزهم، وهو جوردي بوجول، أن قاد خلالها الجينراليتات، أي الحكومة المحلية. ومع ذلك فإن السنوات السبع الماضية لم تكن قطيعة تامة مع نهجهم، فقد عمل الائتلاف اليساري على ترسيخ استقلالية كطلونيا، المتمتعة بالحكم الذاتي داخل نطاق الدولة الإسبانية، كغيرها من الأقاليم الستة عشر الأخرى (من بينها مدينتا مليلية وسبتة المغربيتين المحتلتين). إلا أن «حزب اشتراكيي كطلونيا»، القوة الأكبر داخل الائتلاف، المعروف بمحاولته إرضاء جميع الأطراف، لم يكن بوسعه أن يمضي في مسألة المطالبة الحازمة والصريحة باستقلال كطلونيا عن باقي إسبانيا، كما تحلم القطاعات الانفصالية. ومع ذلك فالاشتراكيون أقرب إلى الطموحات الوطنية الكطلانية من «الحزب الشعبي»، الذي لا يقبل بتقسيم الوطن الجامع، إسبانيا، ولا يقبل كذلك بإمكانية أن يضم داخله "أوطانا" أصغر تشكلها الهويات الثقافية والتاريخية المختلفة مثل الكطلانية والباسكية والغاليسية والأندلسية. جدير بالذكر أن «الشعبي» في كطلونيا، الذي هو امتداد محلي لحزبه المتواجد على مستوى البلاد كشأن الحزب الاشتراكي، أصبح القوة الثالثة في البرلمان الإقليمي.
زعيم الاشتراكيين، خوسي مونتيا، قدم نفسه أثناء الحملة الانتخابية داعما للفيدرالية، نائيا قدر المستطاع عن الخطاب الانفصالي لشريكه الجمهوري في الائتلاف. بينما قدم رئيس القوميين، آرتور ماس، نفسه مؤيدا للاستقلال، مؤكدا أنه سوف يصوت بنعم إذا ما أجري استفتاء لتقرير المصير، مستدركا -ليحتفظ بصورة الاعتدال- بأنه لن يسعى لتنظيم هذا الاستفتاء.
والآن وقد انتهت ولاية مونتيا، امتنع نواب حزب هذا الأخير في البرلمان عن التصويت ضد تنصيب آرتور ماس رئيسا للجينراليتات، بموجب تفاهم مع «التوافق والوحدة»، الذي يحتاج لستة مقاعد ليحصل على الأغلبية المطلقة؛ ويحصلون بالمقابل على عدم تمرير أي من القضايا الكبرى إلا بالتوافق معهم. الأمر الذي أثار حفيظة الشعبيين، واعتبروه تخليا عن دور المعارضة. وهذا النوع من الصفقات شائع في الممارسة السياسية الاسبانية، ويسيل الكثير من المداد لكونه يكشف في بعض الحالات عن استعداد الأطراف المتنافسة للالتقاء على المصالح الآنية بغض النظر عن الشعارات التي تنادي بها. والواقع أن "المبادئ" لا تعكس قناعات أصحابها بقدر ما هي خطاب مصاغ لجذب فئة معينة من الناخبين.
الرئيس السابق مونتيا (على اليسار) 
يصافح خلفه ماس يوم تنصيبه في البرلمان.
نتائج الانتخابات الأخيرة تعزز توجه كطلونيا نحو الاستقلال، لكنه ليس هدفا قريب المنال، بل تعترضه معوقات، أهمها حاليا الركود، المستحوذ على انشغال المواطنين، الذين ترتفع بينهم نسبة البطالة. وهذا ما حرص الرئيس الجديد على توضيحه، فبدون تعافي الاقتصاد يفقد مشروع الاستقلال أقوى مجاديفه ويصير عبئا بدل أن يكون تحررا، مضيفا أن "الاكتمال الوطني" لكطلونيا عمل الصبورين لا المتعجلين.
إذا كان الرئيس الجديد يعلن أنه يعطي الأولوية لتوفير مناصب شغل جديدة، فإن هذا لا يعني تخليه عن المطالبة بتوسيع صلاحيات الحكم الذاتي للإقليم، وفي مقدمتها إمكانية التصرف في الضرائب محليا، دون إمداد الدولة إلا بقسط منها على سبيل التضامن.
آرتور ماس تعهد بالوفاء ﻟ"شعب كطلونيا" لدى استلامه مهامه، وهي عبارة لافتة، نظرا لكونها غير متداولة خارج أوساط المتبنين لمفهومها، ونظرا لما توحي به من تميز لكطلونيا عن باقي إسبانيا.